منذ سنوات عديدة مضت،
وفي مؤسسة للصحة العقلية تم حبس فتاة صغيرة تدعى “آني الصغيرة” في زنزانة مغلقة ، لأن الأطباء شعروا أن الزنزانة المغلقة هي المكان الوحيد المناسب لهؤلاء الذين يعانوا من حالة جنون “ميؤوس منها” . وفي حالة آني الصغيرة، لم ير الأطباء أدنى أمل ، لذا تم إيداعها ذلك القفص الصغير الذي لا يدخله إلا قليل من الضوء ، وأقل كثيراً من الأمل.وفي تلك الأثناء تقريباً ،
كانت إحدى الممرضات العجائز في تلك المؤسسة توشك على التقاعد. كانت هذه الممرضة تشعر أن كل مخلوق على الأرض ينبغي أن يتمسك بالأمل ، لذا بدأت تأخذ غذائها إلى داخل الزنزانة وتأكل خارج قفص آني الصغيرة، كانت تشعر أنها ربما تمكنت من توصيل بعض الحب والأمل إلى الفتاة الصغيرة.
لقد كانت آني الصغيرة أشبه ما يكون بالحيوان من نواحي عديدة. في بعض الأحيان، كانت تهاجم الشخص الذي يدخل قفصها بضراوة. وفي أحيان أخري كانت تتجاهله تماماً.وعندما بدأت الممرضة العجوز في زيارتها، لم تمنحها آني الصغيرة أدنى إشارة تدل على أنها حتى تعي وجودها.
وفي أحد الأيام،
أحضرت الممرضة العجوز بعض كعك الشكولاتة إلى الزنزانة وتركته خارج القفص. ولم تعطي آني الصغيرة أي تلميح يدل على أنها تعرف بوجود تلك الكعكات، ولكن عندما عادت الممرضة في اليوم التالي، كانت الكعكات قد اختفت. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الممرضة تجلب معها الكعك عندما تذهب لآني يوم الخميس.وقبل مضي وقت طويل،
لاحظ أطباء المؤسسة أن هناك تغيير يحدث. وبعد فترة من الوقت، قرروا نقل آني الصغيرة إلى الدور العلوي. وأخيرا، جاء اليوم الذي قالوا فيه لتلك “ الحالة الميؤوس منها” إنها تستطيع العودة إلي منزلها. ولكن آني الصغيرة لم ترغب في الرحيل.لقد أصبح المكان يعني الكثير بالنسبة لها لدرجة جعلتها تشعر أنها تستطيع تقديم إسهام جيد إذا بقت وحاولت مساعدة المرضى الآخرين على الشفاء.
وبعد سنوات عديدة،
وبينما كانت ملكة إنجلترا تقدم أعلى أوسمة بلادها التي يمكن منحها لأجنبي، سألت الملكة هيلين كيلر :
“إلى ما تعزين إنجازاتك الهائلة في الحياة؟ كيف تفسرين حقيقة أنك برغم كونك عمياء وصماء، كنت قادرة على تحقيق كل تلك الإنجازات؟”وبدون لحظة تردد واحدة، قالت هيلين كيلر : إنه لولا آن سوليفان (آني الصغيرة) لظل أسم هيلين كيلر مجهولاً إلي الأبد.